إن المجتمع المصري الآن يعيش حالة من “الاشمئزاز والقرف” بسبب انتشار الجرائم الجنسية.غالبًا ما يتم تحليل الجرائم الجنسية استنادًا إلى نظريات علم النفس التي تنظر إلى الجريمة الجنسية بوصفها سلوكًا مرضيًّا، وتركز على الدوافع والسمات الشخصية لمرتكبيها، أو نظريات علم الاجتماع التي تحرص على تحليل السياق الاجتماعي المنتج للجريمة
.ولم يعد غريبا علينا أن نسمع عن ظاهرة الهوس الجنسي و التحرش التي تزداد يوما بعد يوم ، حتى وصل بنا الحال إلى اغتصاب الأطفال، وحوادث سمعنا فيها عن قتل الآباء لأبنائهم والعكس أصبح المجتمع الآن يعاني فعلا من هكذا جرائم كنا لا نراها إلا في الأفلام والمسلسلات التي تمثل الجريمة بشكل خيالي في أكثر الأحيان إلا أن هذه الجرائم في مجتمعنا أصبحت حقيقية فعلا وواقع نعيشه كل يوم تقريبا.مازالت الآفات الأخلاقية تنخر في المجتمع المصري، وتحول شبابه إلى سبل الضياع والانهيار، من خلال إدمانهم المخدرات وتنظيمهم حفلات راقصة تحمل جميع أنواع التجاوزات الأخلاقية وإشاعة الفاحشة بين الشباب والفتيات، وكان آخرهم ما شهدته مدينة الإسكندرية مؤخرا.
فالحالة الاقتصادية ولها دور كبير في انتشار ظواهر العنف لأنه بسببها يقع الإنسان ضحية للضغط النفسي والعصبي لعدم توفير الحاجات الأساسية له ولأسرته وبالتالي ذلك الشعور يولد كبت كبير يتم تفريغه في الشجارات والمشاحنات التي لا مبرر لها مع أشخاص غرباء لم يكونون طرف في الموضوع فقط يريد أن يفرغ طاقته السلبية في أي إنسان وفي أي وقت.فالجريمة الجنسية جريمة متعددة الجوانب فهي جريمة نفسية واجتماعية واقتصادية ودينية وهي تعرف بأنها سلوك جنسي يحرمه التشريع القائم في دولة معينة ويعاقب عليها القانون والجريمة الجنسية أوسع نطاقا من الاعتداء الجنسي والاستغلال الجنسي إذ أن الجريمة هي سلوك جنسي قد يكون برضا الطرفين أو بدون رضاهما؛ بل كل ما في الأمر أنه يشكل جريمة جنسية.
في حين أن الاعتداء أو الاستغلال الجنسي تغيب أو تنقص فيهما إرادة أحد أطراف العلاقة الجنسية،والاستغلال الجنسي أوسع نطاقا ويعد الاعتداء الجنسي من أهم صوره وكثيرا ما يخلط الأفراد بين الجريمة الجنسية والانحراف الجنسي حيث من الممكن أن يكون الفرد من مرتكبي الجرائم الجنسية ومع ذلك فلا يعد منحرفا جنسيا؛ وقد يكون الفرد منحرفا جنسيا الذي يجد لذته الجنسية من توقيع العقاب البدني عليه،ومع ذلك لا يرتكب جريمة من الجرائم الجنسية التي نص عليها القانون لقد أفرزت التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع عدداً من الجرائم المستحدثة، ومن تلك الجرائم الأخلاقية التي تُعد أحد أنواع الجريمة المنظمة، وتتصف الجرائم الأخلاقية بالسرية وتحقيق مصلحة متبادلة بين أطرافها ومخالفة الشرع أو النظام،ويوصف الذين يمارسون هذه الجرائم بأنهم أصحاب أخلاقيات متدنية ويكنون العداء للمجتمع، ومخالفة القيم السائدة، وأصحاب سوابق إجرامية.
يعرّف العنف الجنسي على أنه أي فعل جنسي يحصل تجاه الآخر من دون موافقته، أي إنه عنف قائم على أساس النوع الاجتماعي. الاغتصاب ليس الفعل الجنسي العنيف الوحيد الذي يندرج في إطار هذه الجرائم، كما قد يظن البعض، بل هو أقصى درجاتها. تعدّد أنواع الجرائم الجنسية التي تشمل«الدعارة القسرية،التحرش الجنسي (شفهياً وجسدياً)، الأفعال الجنسية القسرية المرتبطة بالاتجار بالبشر،الاعتداء الجسدي،الزواج المبكر والمدبّر وجرائم الشرف». آثار هذه الجرائم عديدة، تبدأ بالأذى الجسدي الذي يشمل الأمراض والحبل القسري،الأذى المعنوي المتمثّل في الصدمة والذل والإرباك، الأذى الاجتماعي الذي يؤدي إلى الانعزال وخسارة الدور الاجتماعي، وأخيراً الأذى الاقتصادي من خلال ترك الممتلكات والهرب.
ومن أهم أسباب حدوث الجرائم الأخلاقية
هو تفكك الأسرة بسبب الطلاق أو موت أحد الوالدين أو سجن رب الأسرة أو غيابه عن الأسرة لفترات طويلة، ومن العوامل أيضاً سوء التنشئة الاجتماعية وفساد الرفاق،وسوء بيئة العمل، كما يُعد الفقر أو انخفاض مستوى الدخل من أهم أسباب حدوث هذه الجرائم حيث تدفع الحاجة إلى المال إلى الانحراف والجريمة الأخلاقية.و حالة الرخاء الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة يدفع البعض إلى البحث عن المتعة وإشباع رغباته بطرق غير مشروعة. وجود وقت الفراغ، وعدم استغلاله بطريقة نافعة ومفيدة، قد يدفع بالبعض إلى ارتكاب الجريمة الأخلاقية.والبيئة ومايسودها من قيم وأخلاقيات مناخية للقيم الأخلاقية الدينية والمجتمعية وتتزايد معدلات الإحداث المنحرفين في مثل البيئات التي يسود فيها التفكك الاجتماعي وعدم الاستقرار والقيم المتقاربة هدا بالمقارنة بيئات تعيش حياة أفضل من التكيف الاجتماعي والاستقرار وثبات وفطرا لاختلافات البيئات في القيم من مجتمع لأخر ومن زمن لأخر ومن طبقة لأخرى في المجتمع الواحد لذا فان تحديد مدلول معين بالحكم على السلوك المنحرف أمر نسبى يختلف باختلاف القيم الاجتماعية.
ولذلك فإن قابلية المرأة نحو ارتكاب الجريمة ترتفع كلما أتيحت لها حرية الاختلاط والعمل..!! هذا إذا أضفنا إلى هذه العوامل عاملاً مهما يتصل بموقف المجتمع من إجرام المرأة.. إذ أن غالبية الدوائر المختصة لا تظهر الجدية اللازمة في تسجيل الشكاوى المتعلقة بالمرأة.. ولذلك فقد تضيع نسبة كبيرة من جرائم المرأة حيث لا تظهر في الإحصائيات الجنائية العامة للدولة.وأما العوامل الاجتماعية فقد نالت ما نال غيرها من النقد.. فانتقد عامل الفقر أن يكون سبب الإجرام، وقالوا فيه: “ولكن هذه الدراسات لم تسلم من النقد، وخاصة بعد أن توصلت العديد من الدراسات الأخرى إلى نتائج معاكسة تؤكد على ضعف الرابطة بين الفقر والجريمة.. ونشير أخيراً إلى أن بعض الدول النامية مثل الهند وسيلان والحبشة، أكثر دول العالم فقراً، ويموت فيها عشرات الألوف سنوياً من الجـوع والمرض، ومع ذلك، ففيها أقل نسبة إجرام في العالم، وخاصة منها الجرائم على الأموال..
ولا شك إن البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها مرتكبي جريمة الاغتصاب تلعب دورا مهما في ارتكاب هذه الجريمة البشعة حيث يعاني هؤلاء من تفكك اسري واضح، والعنف هو اللغة السائدة في مثل هذه الأسر، بالإضافة إلى غياب منظومة الدولة خلق بيئة عشوائية والذي من شانه أن يولد السلوك العشوائي وبالتالي وجود جيل لا يلتزم بالمعايير الاجتماعية والأخلاقية التي يسير على نهجها المجتمع وبالتالي فقدان الأمن الاجتماعي. وتحدثت الكثير من البحوث عن غياب دور الأسرة والرقابة التي كانت تفرضها على أفرادها والتنشئة الاجتماعية الخاطئة وانشغال الوالدين بالعمل وتراجع القيم الأخلاقية لدى الأفراد.وفي المجال الأمني، احتلت مصر المرتبة 127 في معدل انتشار الجريمة، والمرتبة 140 في الأمن العام، والمرتبة 142 في التكلفة الناجمة عن الإرهاب على الاقتصاد، والمرتبة 137 بين 162 دولة حول حالة السلام.وسجل المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصري أن 62.6 في المائة من ضحايا التحرش والاعتداء الجنسي في البلاد من في الفئة العمرية أقل من 20 عاما، وأن نصفهن من الأطفال، أي أقل من 15 عاما. ن نسبة من كن آنسات حوالي 75 في المائة وحوالي 40 في المائة منهن أميات وأغلبهن ربات بيوت أو طالبات من مناطق شعبية أو متوسطة، كما أن غالبية الجناة لم يسبق لهم الزواج.
إن “الجريمة تفشت في الثلاث سنوات ونصف السنة الماضية، ونتج عنها تداعيات مأسوية أدت في بعض الأحيان لجرائم قتل وجرائم اغتصاب جماعي واعتداءات جنسية جماعية في المناطق التي تشهد ازدحاما وأجواء احتفالية“من السهل أيضا حدوث ما يسمى “حالة الصمت الاختياري”, حيث يعزف الطفل عن عن التحدث إراديا, سواء في المدرسة أو المنزل في بعض الأحيان أو حتى إلى المقربين له, ويمارس بعض السلوك العدواني من جراء مشاعر الغضب والكبت والإحباط الذي يعاني منه, ما يجعله يمارس بعض السلوك العدواني من جراء مشاعر الغضب والكبت والإحباط الذي يعاني منه, ما يجعله يمارس سلوكا عدائيا انتقاميا ضد كل من حوله